الرحمان الرحيمتوجه رسول الله (ص) بصحبة أبي بكر الصديق إلى غار ثور و هو على ثلاثة أميال من جنوب غربي مكة المكرمة. و لما انتهينا إلى الغار قال أبو بكر رضي الله عنه للنبي (ص
): "مكانك يا رسول الله أستبرئ لك الغار."
و دخله أبو بكر و جعل يسد الأحجار كلها، فبقى منها جحر واحدة ألقمه كعب رجله، ثم نادى رسول الله (ص)، فدخل عليه الصلاة و السلام و وضع رأسه في حجر أبي بكر الصديق و نام لشدة ما اعتراه من تعب.
و لدغ أبو بكر رضي الله عنه من ذلك الجحر الذي وضع عليه رجله، فلم يتحرك لئلا يوقظ رسول الله (ص)، و لكن دموعه سقطت من شدة الألم على وجه رسول الله (ص) فانتبه عليه السلام، و قال لأبي بكر الصديق:
"
مالك؟" قال : "
لدغت فداك أبي و أمي"، فوضع عليها من ريقه الشريف فزال الألم.
و لما أصبحا قال النبي (ص) لأبي بكر الصديق : "
أين ثوبك؟"، فأخبره أنه مزقه و وضعه في الحجار، فرفع النبي (ص) يديه و قال: "
اللهم اجعل أبا بكر معي في درجتي في الجنة".
و لما علم المشركون بخروج رسول الله (ص) و أبي بكر الصديق، ذهبوا في طلبهما كل مطلب، و جعلوا لمن ردهما مائة من الإبل الذي هما فيه، و جعلوا يمرون من باب الغار و لا يرونهما، فلم يدخلوه إذ رأوا على بابه نسيج العنكبوت، كما رأوا حمامتين قد عششتا على بابه، و كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يرى القوم فيعتر الخوف على رسول الله (ص) و كان عليه الصلاة و السلام يطمئنه و يقول:"
لا تحزن إن الله معنا."